السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد، لديَّ عدة أسئلة لكم فضيلة الشيخ الكبير الأستاذ الدكتور عبد الحي يوسف جمعنا الله في جنات الفردوس آمين ياأكرم الأكرمين
1- ما حكم العمرة في أشهر الحج الثلاثة شوال وذو القعدة وذو الحجة إذا نوى الحج وهل إذا اعتمر عليه هدي؟
2- هل صحيح ما يُقال أن حفظ سورة البينة ونسيانها بصورة متكررة دلالة على النفاق أجارنا الله وإياكم؟
3- ماذا أفعل إذا شعرت أن رزقي فيه شبهة بحكم عدم أداء العمل كما ينبغي وتكاسلي في العمل لعدم حبي لطبيعة العمل الذي أعمل فيه هل أترك العمل؟ مع العلم بأني أجتهد كثيراً في جهاد نفسي وعمل مايحلل لي راتبي؟ وشكرا
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وشكر الله لك ما دعوت به، لكنني مسكين من آحاد المسلمين ولست بشيخ كبير، أما بعد.
فالعمرة في أشهر الحج مشروعة، وقد اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع مرات كلهن في ذي القعدة، وذلك في عمرة الحديبية وعمرة القضية وعمرة الجعرانة وعمرته التي كانت مع حجته صلوات ربي وسلامه عليه، فمن اعتمر في أشهر الحج وبقي في مكة حتى حج من عامه فهو متمتع يلزمه هدي إن كان مستطيعاً لثمنه واجداً له، وإلا لزمه صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله؛ قال سبحانه {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام}.
ولا صحة لما قيل من أن قراءة سورة البينة ثم نسيانها من علامات النفاق، ومهما يكن من أمر فهي من خير سور القرآن، روى الإمام أحمد والبخاري ومسلم عن أبي حبة البدري رضي الله عنه قال: لما نزلت {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب} إلى آخرها قال جبريل عليه السلام: يا رسول الله إن ربك يأمرك أن تقرئها أبياً‼ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بن كعب: "إن جبريل أمرني أن أقرئك هذه السورة" قال أبيّ: وقد ذُكِرْتُ ثَمَّ يا رسول الله؟ قال: نعم. فبكى أبي. قال ابن كثير رحمه الله: وإنما قرأ عليه النبي صلى الله عليه وسلم هذه السورة تثبيتاً له وزيادة لإيمانه؛ قال القرطبي رحمه الله تعالى: وفيه من الفقه قراءة العالم على المتعلم، قال بعضهم: إنما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم على أبيِّ؛ ليُعلِّم الناس التواضع؛ لئلا يأنف أحد من التعلم والقراءة على من دونه في المنزلة. وفيه فضيلة عظيمة لأبيٍّ رضي الله عنه. وقد روى أحمد ومسلم والنسائي وأبو داود عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي رضي الله عنه أنه أنكر على عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قراءة شيء من القرآن على خلاف ما أقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستقرأهما وقال لكل منهما: أصبت. قال أبي: فأخذني من الشك ولا إذ كنت في الجاهلية فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدري. قال أبي: ففضت عرقاً وكأنما أنظر إلى الله فرقاً، وأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جبريل أتاه فقال: إن الله يأمرك أن تقريء أمتك القرآن على حرف فقلت: أسأل الله معافاته ومغفرته. فقال: على حرفين، فلم يزل حتى قال: إن الله يأمرك أن تقريء أمتك القرآن على سبعة أحرف، قال ابن كثير: فلما نزلت هذه السورة وفيها {رسول من الله يتلو صحفاً مطهرة فيها كتب قيمة} قرأها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة إبلاغ وتثبيت وإنذار لا قراءة تعلم واستذكار والله أعلم.ا.هـــــ
وأما العمل الذي تتقاضى عليه أجراً فالواجب أن تبذل غاية جهدك في القيام به والوفاء بالشروط التي تضمنها العقد بينك وبين الجهة المخدمة لك؛ لعموم قوله تعالى {أوفوا بالعقود} وقوله صلى الله عليه وسلم "المسلمون على شروطهم" وكونك تحب العمل أو لا تحبه فهذا لا تعلق له بالقيام به على الوجه الأكمل من أجل أن يطيب لك أجرك؛ إلى أن ييسر الله لك عملاً آخر يوافق مزاجك، والله ولي التوفيق.