السؤال
كانت لدي رغبة شديدة في الزواج، وكانت في بالي فتاة، وفي يوم من الأيام قدر الله أن أجلس مع عم هذه الفتاة، وفي أثناء حديثنا تطرقنا لموضوع الزواج، ووجد أن لدي رغبة في الزواج، فقال لي: أنا سأتكلم مع أخي.
وفي اليوم التالي اتصل بي أبو هذه الفتاة، وعرض علي الزواج من ابنته، فقلت له: إن شاء الله، وأنت تعلم الحال لا يسمح الآن. وتم الاتفاق بيني وبينه بعد سنة حتى تنتهي الفتاة من الدراسة، وقبل ذلك عرض علي الأب إن كنت أريد أن لا تكمل الفتاة الدراسة أم لا؟ فقلت: لا، هي تكمل الدراسة، وهذا الأمر جيد لي ولها، وبالنسبة لي أستطيع تهيئة أموري أكثر فأكثر، خاصة من الناحية الاقتصادية، والأمر يرتكز على الحالة الاقتصادية بالنسبة لي، وهي تكمل الدراسة؛ لأن لديها رغبة في أن تكمل الدراسة. ومن الآن بقي لها سنة وبضعة أشهر وستنتهي من الدراسة.
طبعًا أخبرت أبي وأمي وإخوتي، وفرحوا بهذا الخبر فرحًا شديدًا، خاصة والدي، ثم بدأت الأمور تنقلب إلى جانب آخر، وهو عدم الرغبة في الزواج؛ أصبحت أفكر في الزواج كثيرًا، أحيانًا أقول: إن الزواج راحة وهدوء، واطمئنان وسكون للنفس، ومتعة. والرغبة تزداد في الزواج، وأحيانًا أقول: الزواج تعب وإرهاق ومصاريف، والمصاريف لا تكفي، ونكد، وهم أطفال، ومسؤولية، فأقول لنفسي: “أنا حمار إذا أردت أن أتزوج، فهنا أنا مرتاح ومبسوط، ولا شيء أخسره” وصرت أشعر أن الزواج سوف يكون عبارة عن سجن، فلا أستطيع الذهاب ولا المجيء، وأن الزواج سيقتل شبابي ورغباتي، مثل الحصول على رخصة قيادة، فأصبحت الآن أدخر مصاريف رخصة القيادة للزواج، وإذا تزوجت فالسفر سيصبح صعبًا.. وهكذا، وأحيانًا أقول لنفسي: سأؤخر الزواج لفترة محددة ثم أتزوج.
وقعت في حيرة أتعبتني!!
الجواب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، شكراً على تكرّمكم بطلب الاستشارة من موقعكم وثقتكم بنا، آملين في تواصلكم الدائم مع الموقع، وبعد:
فخير البر عاجله، وفي الزواج الخير الكثير، وما من شاب تزوج إلا وندم على تأخيره وتفريطه في موضوع الزواج، وطريقتك في اختيار الفتاة جيدة، وفرح أهلك بها يبشر بالخير، ونسأل الله أن يصلح الأحوال، ويحقق لنا ولكم في طاعته الآمال.
واهم من ظن أن الراحة في عدم الزواج، وقد قال الفاروق عمر رضي الله عنه: "من دعاك إلى غير الزواج فقد دعاك لغير الإسلام" والإنسان لا يندم على الدراهم التي ينفقها على زواجه وزوجته وأهله، وقد قال النبي في الدراهم التي يبذلها الإنسان: (أعظمها أجرًا الدينار الذي ينفقه على أهله) وننصحك بعدم الخوف على الرزق، واعلم أن في الغني النكاح؛ قال العظيم في كتابه: {إن يكونوا فقراء يغنهم الله}، وأيقن السلف بوعد الله، فقال قائلهم: "التمسوا الغني في النكاح" ففي النكاح الغني لعدة أسباب:
1- الزوجة تأتي برزقها وكذلك الأطفال.
2- في النكاح الغنى؛ لأن الرجل يعرف قيمة الدرهم بعد الزواج، فيحسن التدبير.
3- الغنى في النكاح؛ لأن الإنسان بعد الزواج يجد ويجتهد، وفي السعي فعل للأسباب، بل يهتم ويبحث عن عمل إضافي، وأرجو أن تعلم أن التعب والكدح من أجل الأسرة سعي في سبيل الله، وفيه الأجر والمتعة.
وليس هناك داع للحيرة، وتعوذ بالله من شيطان يخوفك من الحلال، وعدونا لا يريد لنا الزواج؛ لأنه سبيل للعفاف، وفي الزواج سد للأبواب على الشيطان، ومن تزوج فقد استكمل نصف الدين، فليتق الله في النصف الآخر، فاجتهد في توفير ما يعينك على الحلال، وثق بأن لذة الزواج سوف تنسيك الأتعاب.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ولا تنزعج من الخواطر السالبة، ولكن دافعها واطردها، واعلم بأن بعضها طبيعي؛ لأنك تنتقل إلى مرحلة المسؤولية، ويتقدم العقل وتتأخر العواطف، وكل ذلك سوف يزول بمجرد دخولكما إلى القفص الذهبي كما يقال، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يجمع بينكما على الخير، وأن يلهمكم السداد والرشاد والطاعة لرب العباد.