السؤال
كنت قبل شهرين على علاقة بشاب بقصد الزواج، بشرط مني أن ينتظرني حتى أكمل دراستي؛ لأن أهلي لن يوافقوا أبدًا (خطبة أو زواج) إلا بعد حصولي على شهادتي الجامعية، وعدني بالانتظار دون ملل، لكن نبقى على اتصال دائم وتقابل، بحكم أننا بنفس المدينة التي أدرس فيها.
بعد شهرين من علاقتنا قلبي لم يطمئن أبدًا، وفرحتي لم تكتمل أبدًا، أبقى مستيقظة إلى وقت متأخر ليلًا في خوف ورعب نفسي، وهول من أن يقبض ربي روحي وأنا على معصية، كل هذا بعد صلوات الاستخارة المتكررة، وليست مرة أو مرتين أو ثلاثًا زنيت فيها معه -والعياذ بالله- بإلحاح منه وليس ابتزازًا، يجتهد في أن يزين لي ارتكاب المعصية معه (هاتفيًا أو لقاء حيًا)، عكس اجتهادي في تذكيره بالله والموت، والعقاب الدنيوي والأخروي، والقبر والنار، فيجيبني بصمت وغياب طويل لمدة أيام، إلى أن أسعى مستنكرة للسؤال عنه.
بعد شهرين من التفكير والتخطيط في طريقة حليمة لينة بعيدة عن العتب، “أخبرته بأن نوقف العلاقة إلى أن نعلم أننا مستعدان للزواج لنتوكل على الله حلالاً برضاه”، وأخبرته صراحة أني أفكر في ربي الذي أعصيه، وأمي التي أخونها، والتي ضحت من أجل أولادها بعد طلاقها من أبي الذي يثق بي ثقة عمياء، وأعتبر نفسي منافقة بحجابي وصلاتي وأعمالي الصالحة، أحتقر نفسي عندما أتوضأ وأقوم للصلاة، لأنني في حقيقة الأمر خائنة.
فكان جوابه الصادم أنني غدرته وخنت ثقته، فتركني دون تبرير وبشكل قاس جدًا، على أساس أني ظلمته بقراري، وأني جعلته يتمسك بأمل وهمي، من يومها وهو يتصرف معي تصرف المظلوم.
فقدت الرغبة في كل شيء، خصوصًا دراستي، لكن الحمد لله صدقت في توبتي واقتنعت، لكن مشكلتي أني أبكي بشدة، وأعاقب نفسي وأحتقرها وأكرهها، بل أكره كل منطقة بجسدي؛ بسبب الذنوب التي ندمت عليها بشدة، فهل حقًا غدرته؟! وما الذي جعله يتركني بذلك الأسلوب؟! هل منطقيًا يتصرف معي كما فعل؟! كيف أقتنع بأنني على صواب؟ وكيف أغفر لنفسي وأحبها؟
وآسفة على الإطالة، جزاكم الله كل خير.
الجواب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شكرًا على تكرّمكم بطلب الاستشارة من موقعكم وثقتكم بنا، آملين في تواصلكم الدائم مع الموقع، وبعد:
فإننا نهنئك على قرارك الصحيح، وندعوك إلى الثبات على التوبة، وإن كان فيه خير فسوف يتوب ويبتعد عنك حتى تضعوا العلاقة في إطارها الشرعي الصحيح، ونسأل الله أن يتوب علينا وعليك، وأن يلهمك السداد والرشاد والطواعية لرب العباد.
ننصحك بعدم الضعف أمام صمته أو بعده، وتعوذي بالله من شيطان يزين لك السوء، وأنت لم تغدري به، بل الغدر كان منه عندما ساقك إلى طريق المخالفات في الوقت الذي تحاولين دعوته إلى الأعمال الصالحة والطاعات، وأرجو أن تتوقف العلاقة تمامًا، إلى أن يأتي إلى داركم، ويطلب يدك بطريقة رسمية، ثم يأتي بأهله ليحصل التعارف بين الأسرتين، وساعتها يجب أن تستخيري ربك كثيرًا؛ لأن الأمر يحتاج إلى تأن؛ فالزواج ليس مجرد علاقة بين شاب وفتاة.
ولا يخفى على أمثالك أن الإسلام لا يقبل بأي علاقة بين شاب وفتاة إلا في إطار المحرمية، كأن تكون عمة له أو خال لها، أو في إطار الحياة الزوجية، وما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان هو الثالث، والشيطان يستدرج ضحاياه: نظرة، فسلام، فكلام، فموعد ولقاء وكارثة، وعار وشنار. فراقبوا من لا يغفل ولا ينام، وتجنبوا الحرام.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بالستر على نفسك، وأكثري من اللجوء إلى الله غافر الذنب وقابل التوب، واحذري من التسويف؛ فربنا يمهل لكنه لا يهمل، وهو سبحانه يستر ويستر، لكن إذا تمادى العاصي في عصيانه؛ فإن الله يهتك ويخذل، ولا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون، وأنت في مقام بناتنا؛ فاقبلي نصحنا، ولا تضعفي أمامه، بل لا تحاولي التواصل، واعلمي أنك الطرف الخاسر إذا لم تتوقفي فورًا. وابتعدي عنه وعن غيره من الشباب، واعلمي أن فيهم ذئابًا.
نسأل الله أن يحفظك ويوفقك للحق والخير والصواب، ونسعد بتواصلك مع موقعك، ونفرح جدًا بتوبتك، ونسأل الله أن يثبتك ويحفظك، ويبعد عنك الشر وأهله، وأن يجعلك مصدر ثقة وخير عند أسرتك.
خالفي عدونا الشيطان، وثقي بأنه لن يتركك، ولكن استعيني بالله، وتوكلي عليه، ونسأل الله لك التوفيق والهداية.