تحدث فضيلة الشيخ الدكتور عبدالحي يوسف في خطبة الجمعة عن محبة النبي صلى الله عليه وسلم .
وذكر فضيلته أن من أجلّ نِعم الله عز وجل على عباده إرسال النبي صلى الله عليه وسلم داعيا ومبشرا ونذيرا ، وأن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم هم أصدق الناس له حبا وأكثرهم به إقتداءً ، وقد أثبتوا محبتهم له عليه الصلاة والسلام بما ثبت عنهم في السيرة من أفعال وأقوال .
وبيّن فضيلته أن حب الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم كان بسبب كماله صلوات الله عليه وسلم خَلقا وخُلقا ، وأنه كان بينهم لا يظلمهم ولا يتكبر عليهم ويعين ملهوفهم ويطعم جائعهم ويكسوا عاريهم ويستغفر ويدعوا لهم .
كما ذكّر فضيلته الناس بأن دعوى حب النبي صلى الله عليه وسلم يجب أن تكون عليها بيّنات من الأفعال والأقوال فيجب إتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم والذب عنه عند من ينتقصه ، ويكون بحب صحابته وآل بيته رضوان الله عليهم جميعا ، ويكون ببغض من أبغضه النبي صلى الله عليه وسلم ، وبغض من يبغض أصحابه أو ينتقص من شأنهم.
تحدث فضيلة الشيخ د. مهران ماهر عثمان خطيب مسجد السلام في خطبة الجمعة العاشر من شهر ربيع الأول 1438 هـ , التاسع من نوفمبر 2016 م، عن صور الرحمة في الحكم الراشد للخلفاء الراشدين مواصلاً بذلك سلسلته التي بدئها في هذا الجانب, وتحدث فضليته في خطبته عن صورة الحكم الرشيد في عهد سيدنا عمر بن الخطاب, وذكر فضيلته الخطبة التي ألقاها سيدنا عمر رضي الله عنه عندما ولي الخلافة من بعد سيدنا أبوبكر رضي الله عنه حيث قال فيها : إن الله ابتلاكم بي وابتلاني بكم، وأبقاني فيكم بعد صاحبي، فوالله لا يحضرني شيء من أمركم فيليه أحد دوني، ولا يتغيب عني فآلوا عن الجزء والأمانة، ولئن أحسنوا لأحسنن إليهم، ولئن أساؤوا لأنكلن بهم.
وقد قام عمر رضي الله عنه بواجباته نحو رعيته خير قيام وأتمه، فقد كان عمر رضي الله عنه دائم التعرف على أحوال رعيته بنفسه يجلس للرعية، ويلتقي بهم ويعرضون عليه حاجاتهم، كبيرهم وصغيرهم، شريفهم ووضيعهم، ولم يكن رضي الله عنه يحتجب عنهم.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: كان عمر بن الخطاب كلما صلى صلاة جلس للناس، فمن كانت له حاجة نظر فيها، وكان رضي الله عنه يجلس بعد صلاة الفجر للنظر في أمور رعيته حتى ترتفع الشمس، ثم يقوم فيدخل بيته [8].
وكان بعض الرعية لا يستطيع أن يعرض حاجته على عمر رضي الله عنه هيبة منه، فاجتمع عدد من الصحابة رضوان الله عليهم لإعلامه بذلك، وهم: علي بن أبي طالب، وعثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وكان أجرأهم عليه عبد الرحمن بن عوف.
فقالوا له: لو كلمت أمير المؤمنين للناس، فإنه يأتي الرجل طالب الحاجة، فتمنعه هيبتك أن يكلمك في حاجته حتى يرجع ولم يقض حاجته، فدخل على عمر رضي الله عنه، فكلمه، فقال: يا أمير المؤمنين، لن للناس، فإنه يقدم القادم فتمنعه هيبتك أن يكلمك في حاجته حتى يرجع ولم يكلمك.
فقال عمر رضي الله عنه: يا عبد الرحمن أنشدك الله أعلي وعثمان وطلحة والزبير وسعد أمروك بهذا؟ فقال: اللهم نعم، قال: يا عبد الرحمن، والله لقد لنت للناس حتى خشيت الله في اللين ثم اشتددت عليهم حتى خشيت الله في الشدة، فأين المخرج؟ فقام عبد الرحمن يبكي يجر رداءه، يقول بيده أف لهم بعدك، أف لهم بعدك [9].
وأما من كان من الرعية بعيدًا عن المدينة كأهل العراق والشام وغيرهما من أقطار المسلمين، فإن عمر كان يسأل عن أحوالهم ويستخبر عنها ويتعرف عليها ومن ثم يقضي حاجتهم. كتب عمر رضي الله عنه إلى عامله بالعراق: أن ابعث إلي برجلين جليدين نبيلين أسألهما عن العراق وأهله، فبعث إليه بلبيد بن ربيعة، وعدي بن حاتم.
بل لقد عزم رضي الله عنه على أن لا يدع بلدًا من بلاد المسلمين إلا ويأتيه ويطلع على أحوال أهله بنفسه، ويقضي حاجاتهم، قال عمر رضي الله عنه وقد عزم على قضاء حوائج رعيته قويهم وضعيفهم شريفهم ووضيعهم: لئن سلمني الله لأدعن أرامل العراق لا يحتجن إلى رجل بعدي [10].
ومن الأقوال المروية عن عمر رضي الله عنه في اهتمامه برعيته قوله: إني والله لأكون كالسراج يحرق نفسه ويضيء للناس.
د. أبوهريرة عبد الرحمن
تحدث فضيلة الشيخ د. أبوهريرة عبد الرحمن خطيب مسجد الإمام مالك بن أنس جامسكا الثورة الحارة 21 في خطبة الجمعة قائلا:
أيُّها النَّاسَ، اتَّقوا اللهَ تعالى حَقَّ التقوى، عباد الله، إن من كمال هذه الشريعة اهتمامها بجميع شؤون الحياة التي تتعلق بالإنسان، ولهذا أمرت كل فرد القيام بمسئوليته على قدر موقعه ومكانته، في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم قال: “كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ ومَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، أَلاَ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ“.
في هذا الحديث يبين صلى الله عليه وسلم كثيرا من أصناف المسئولين عن رعاية المجتمع المسلم:
فيبدأ بالإمام، والإمام كل من يقتدى به، وكل مسئول قل مسئوليته أو كثرة، ولاشك أن الإمام العام هو أولى بتلك المسئولية لكمال مكانته وعلو شأنه.
أيُّها المسلم، الرجل راعي في بيته، ومسئول عن رعيته، نعم أنت راعي في بيتك، على زوجتك، على أولادك من بنين وبنات، وعلى من تحت من يده من الولاية من أخوات وإخوان صغار، وعلى خادم بيتك، أنت راع ومسئول عن رعيتك، مسئولا عنهم فأنت أولا مأمور بأن تؤدب أبناءك الأدب الحسن بأن تربيهم على معرفة ربهم ونبيهم ودينهم، على العقيدة الصافية، مأمور أنت بأن تحثهم على الأوامر الشرعية للقيام بها يقول الله جلَّ وعلا: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا)، ويقول الله عن إسماعيل عليه السلام: (وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً)، ويقول صلى الله عليه وسلم: “مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ”، مأمور الأب بأن يحثهم على آداب الإسلام من رد السلام، وآداب المجلس، والبعد عن الضوضاء، واحترام الكبار ورحمة الصغار، والتخلق بالأخلاق الكريمة، والبعد عن البذاءة والسباب والشتام وتخلقهم بالأخلاق الفاضلة، مأمور بأن ينهاهم عن الأخلاق السيئة، مأمور بأن يراعي شأنهم ويبحث عن جلساءهم ومن يصاحبهم ومن يخالطهم، فكم من شباب صالح ما زج وخالط فئات منحرفة فكان سيء في أخلاقه وفساد دينه وسوء طويته.
فيا شباب الإسلام، اتقوا الله في أنفسكم، وراقبوا الله في أنفسكم.
ويا أيها الآباء، راقبوا أولادكم وسألوهم عن سهراتهم الليلية في هذه الاستراحات وغيرها، من يجالسهم؟ من يصاحبهم؟ كم سهروا في الليل من ساعة؟ لماذا طال السهر في هذه الاستراحات؟ ماذا في داخلاه؟ هل خالطهم أصحاب سوء ودعاة فساد ومروجو مخدرات ودعاة الإجرام والفساد؟ حذروهم من هذا كل التحذير، راقبوا سلوكهم، راقبوا سهراتهم في الليل، اعلموا من جلسائهم ومن يخالطهم، ومن يصاحبهم، لأنكم مؤتمنون عليهم، أنتم رعاة على أولادكم، فحققوا هذه الرعاية.
أيُّها المسلم، أنت راع على زوجتك، تؤدبها وتحملها على الخير وتعاشرها بالمعروف، وتكون معها على أحسن خلق وأحسن حال: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ)، أنت أيها الأب راع على إخوانك القصر في رعاية أموالهم وأخلاقهم وحقوقهم، والنظر في المصالح العامة كل هذه من الرعاية المطلوبة شرعا.
المرأة المسلمة راعيت في بيت زوجها مسئولية عن رعيتها، نعم ترعى أبناءها وبناتها وتعين الأب على التربية والتوجيه وكلما غفل الأب عن شيء فإن الأم تقوم مقامه فتوجه الأبناء والبنات توجيها سليما ترشدهم على الخير وتحثهم عليه، المرأة المسلمة في بيتها عونا لزوجها على بر أبويه، عونا لزوجها على صلة رحمه، عونا لزوجها على كل خلق كريم، بعض النساء بلغن الرجال تفرق بينه وبين أبويه، وبينه وبين إخوانه وأخواته، وبينه وبين أرحامه، أما المرأة الطيبة فهي امرأة صالحة تؤنب وتجمع وتوفق وتسعى في الخير جهدها، هذه المرأة الصالحة بركة على زوجها وعلى بيتها وعلى أولادها وعلى الأسرة جميعا.
أيها الابن الكريم، أنت راع في مال أبيك ومسئول عن رعيتك، مال أبيك أمانة عندك، عندما يحملك أبوك مسئولية شيء من ماله فأنت أمين على هذا البيت، وعلى رعيته، وعلى حفظه، وعلى القيام بالواجب فيه، تعين أباك بأمانة وإخلاص وصدق لا تخونه بشيء، وإنما تؤدي الأمانة على الوجه المطلوب، تعين أباك على أداء الزكاة، على صلة الرحم، على إنفاقه على الأبناء والبنات بالخير تحاول أبعاده عن البنوك الربوية والأعمال السيئة، تنقي ماله من كل معاملة ربوبية من كل ظلم وغش وخداع وغرض؛ بل يكون المال مال طيبا تعينه على الخير وتساعده على الخير، هذه المصارف الإسلام كلها حق وإذا قام الجميع كل بمسئوليته صلح المجتمع واستقام.
ومن أعظم الحقوق أيضا الراعي على رعيته: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحماية الأخلاق والبعد عن كل رذيلة، ومن حق الأبناء على أبيهم أن ينئ بهم عن المواقع السيئة ووسائل الإجرام التي تبث الشر والفساد، فإن هناك مواقع سيئة كانت سببا في إفساد الأخلاق وتدمير الأخلاق والقيم، فليحذر أبناءه وبناته من هذه الوسائل، ويبين الشر الكامل فيها ويحثهم على الصلاح والاستقامة، ويبين الضرر تلك الوسائل المفسدة فإن إهمال الأبناء يسمعون ويشهدون أمرا خطير، فإن كثير من هذه المواقع يشاهد شبابنا فيها خلاعة ومجونا وانحرافا وانحلال من كل القيم والفضائل.
فالواجب على الآباء والأمهات تقوى الله، وحث الأبناء والبنات على البعد عن هذه المواقع، وتبين الأخطاء والأخطار التي تحدث بها لعل الله أن يعيذهم من شر هذه المواقع فإنها مواقع إباحية لا خير فيها، أسأل الله لنا ولكم على الثبات على الحق والاستقامة عليه، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني إيَّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.